www.eri-platform.org 


24 مايو 2021م


أيها الشعب الإرتري الأبي

قوات الدفاع الارترية الباسلة


في مثل هذا اليوم التاريخي المجيد من كل عام يحتفل كل الوطنيين الارتريين باعتزاز عظيم وفرحة بالغة بهذه المناسبة تخليداً لذكرى اجتثاث جيش العدو الاستعماري من كامل التراب الإرتري قبل ثلاثين عاما. وهذا الانتصار التاريخي الذي تحقق بفضل النضالات الجسورة والتضحيات الجسيمة هو الذي أرسي الأرضية لبروز ارتريا كدولة مستقلة ذات سيادة. وبهذه المناسبة العظيمة التي نحتفل بها بمناسبة مرور ثلاثين عاماً على تحرير ارتريا وثمانية وعشرين عاماً على بروز ارتريا كدولة مستقلة ذات سيادة شرعية، أشعر بالكثير من الفخر والاعتزاز ان اتقدم الى الشعب الإرتري بأحر التهاني بهذه المناسبة التاريخية، وبالمقابل أجد نفسي مضطراً للتعبير عن عميق حزني وأسفي وأنا اشاهد شعبي يعيش في هذا الوقت حياة يسودها القمع والتنكيل الوحشي ِويغرق في ظلام الفقر المدقع والاذلال اللامحدود. 

لقد ناضل الشعب الإرتري من اجل تحقيق الحربة والعدالة والرخاء، وكافح طويلاً من أجل تأمين حقوقه السياسية والاجتماعية والثقافية والحقوق المدنية والإنسانية، كما دفع غالى التضحيات من أجل تحقيق السلام والاستقرار والطمأنينة، وفى سبيل كل ذلك قدم أرواحه وارواح أبنائه وكل ما يملك من غال ونفيس. الى جانب ذلك وعلى عكس توقعات الأعداء والأصدقاء أثبت الشعب الإرتري مدى عظمته وقوة شكيمته ليس فقط من خلال هزيمته لجيش العدو الاستعماري الضخم وإنما أيضا لتحقيقه نصر تاريخي حاسم من خلال هزيمته لأعتى أطراف القوى الدولية العظمى في القرن العشرين التي كانت تقف خلفه. والتاريخ الحديث للشعب الإرتري شاهد حي على انه ليست هناك أي قوى تستطع ان تقف في وجهه متى ما نهض لتصحيح المفارقة التاريخية التي نتجت عن خيانة الأهداف الرئيسية لنضالنا المسلح، او ان تقف امام سعيه لجعل تطلعاته الصلبة في تحقيق الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية والاستقرار والازدهار واقعاً ملموساً. الشعب الإرتري، كأي شعب آخر، معروف بكده واجتهاده وبسعيه الذي لا يعرف الكلل من أجل تطوير ظروفه الإنسانية والمعيشية ورعاية ومساعدة اهله واقاربه. لكن لسوء الحظ هيمنت مؤسسات تنظيم الهقدف الاحتكارية على موارد اقتصاده الوطني، ومنعت فرص ممارسة النشاط التجاري الحر وأصبح عرضة للعوز والفقر والتشرد. وطوال الثلاثين عاما الماضية صمت آذان شعبنا شعارات جوفاء تتردد بلا كلل، وظل يسمع عن برامج تنموية ووعود لا تنفذ وعن أحاديث مشبعة بالآمال الوهمية. وبما أن التفاخر الاجوف لا يثمر اى شيء فإن اقتصادنا قد عانى الامرين وانحدر نحو الحضيض، وأصبحت البلاد تتبنى سياسات متخبطة وسحق افراد المجتمع وتشتت شمل الاسر الارترية، وتشرد الشباب في منافي المهجر القسرية وتشوهت صورة بلادنا على المستوى الإقليمي والدولي وتعرض شعبنا للهوان والذل وتخلفت بلادنا وأصبحت تتذيل كل قوائم معايير تقدم الأمم.

إضافة الى ذلك اضطرت قوات الدفاع الارترية الى الدخول في حرب من أجل استعادة استقلال وسيادة بلادنا التي تأكدت عبر نضالات مريرة طوال ما يزيد على النصف قرن والتصدي للمخاطر الوجودية التي تحيق بشعبنا. ومنذ وقت مبكر، هبت القوى الوطنية التي تناضل من اجل الدفاع عن سيادة الوطن، لتعمل من اجل تحقيق السلام الدائم وتأمين الاحترام لسيادة ووحدة تراب الوطن ولتتصدي للهجوم المنهجي الذي يستهدف الهوية والوحدة الوطنية ووضع حد له، كما لفتت هذه القوى الوطنية الانتباه الى ضرورة وقف الحرب لأنه لا ينتج عنها سوى القتل بالجملة والدمار.

ومرة أخرى تذكر هذه القوى أنه لا خيار بديل على السلام، وتدعو الأطراف المتصارعة في اثيوبيا الى السعي لحل مشاكلها وخلافاتها بالحوار. ومهما يكن فإنه من المهم التذكير بأن الحرب الدائرة في اثيوبيا شأن داخلي يخص الاثيوبيين، أما نحن الارتريون فتنتظرنا قضايا تهمنا وتنتظر ان نجد لها حلولاً عاجلة.

أن طبيعة نظام حكم اسياس تتلخص في الحسد والقمع والجور والقهر. ومن الناحية العملية ظل هذا النظام ينتهج ممارسات وسياسات خائنة تضر بالمصالح الوطنية للبلاد وتعادى اهداف الكفاح المسلح الذي خاضه الشعب الإرتري، فقد داس على دستور البلاد الذي تمت صياغته بمشاركة شعبية واسعة وصودق عليه من قبل برلمان شرعي، كما إنه أرسى نظام قمعي لا يخضع لحكم القانون. الى جانب ذلك ضرب عرض الحائط بأهداف الميثاق الوطني وأصبح يتصرف في مصير الوطن كممتلكات شخصية ويطحنه ويدفعه للانحدار على طريق الهاوية في كل المجالات. باختصار حول نظام اسياس القمعي ارتريا الى جحيم أرضي يفر منه مواطنوه. وبعبارة أخرى اتبع اسياس المنطق الهمجي "أنا ومن بعدى الطوفان" واستنزف الشعب الإرتري وموارد البلاد وعرض مستقبل وسيادة ارتريا لخطر جسيم للغاية. عليه، تصبح مهمتنا الأكبر العمل على إزاحة نظام الحكم الجائر والحاسد واحلاله بنظام حكم دستوري والسعي الى إزالة المخاطر التي تحيق بالوطن. وطالما ان هذا هو الوضع على ارض الواقع وما تفرضه من آنيه ملحة، فإنه كان ولا زال يتطلب ان يتم تنسيق كافة الجهود والطاقات والعمل بشكل مشترك للتصدي الفعال لنظام اسياس القمعي وليس الانجرار وراء أطماع زمرة ويانى التوسعية والترويج لحملة التشويه المسمومة التي يشنها ضد قوات الدفاع الارترية، أن مثل هذا الموقف المخزي لا يمكن تبريره بكل المعايير سواء على المستوى السياسي او بمقاييس المغامرة السياسية الطائشة.

عليه فأن مهمتنا الكبيرة والآنية هي إزالة هذه المخاطر التي تتربص بنا من خلال تخليص بلادنا من براثن هذا النظام الجائر الحسود واستبداله بنظام دستوري. في ظل هذا الواقع المعاش والمتطلبات الآنية كان ينبغي ان تتوحد القوى الوطنية المعارضة لطغمة اسياس المتجبرة على أرضية عمل مشتركة بدلا من الاصطفاف الى جانب الوياني وطموحاتها التوسعية وإعادة نفث السموم المعيبة التي تستهدف قوات الدفاع الارترية. ان هذا التصرف المشين لا يمكن تبريره اطلاقا سواء بالمعايير الوطنية او المغامرات السياسية.

ولكن من الغريب والمؤسف جدا ان نرى في الوقت الراهن العديد من الارتريين يصطفون الى جانب فلول زمرة الويانى وطموحاتها التوسعية التي لا تخدم مصلحة شعب تجراي بل وتستهدف وحدة الشعب الارتري وضرب الهوية الوطنية الارترية والنيل من وحدة التراب الوطني والسيادة الوطنية الارترية. ومن المؤسف ان تظهر أصوات تعادي القوى الوطنية المدافعة عن السيادة الوطنية وتحاول المس بالنسيج الوطني للمجتمع الارتري. 

وفي هذا الوقت الذي نحتفل فيه بالذكرى الثلاثين لعيد استقلالنا، فان استمرار الحكم الدكتاتوري المتسلط يمثل الخطر الأكبر على وجود أرتريا كأمة ودولة. وعليه اود التذكير بالمسؤولية التاريخية التي تقع على عاتق كل الارتريين الساعين لإنهاء معاناة شعبنا وتحقيق الديموقراطية والعدالة سواء كانوا داخل الوطن او خارجه لتأطير أنفسهم في بوتقة الخط الوطني ووضع الشعب والوطن في مقدمة الاولويات والنضال بأعلى الدرجات من اجل انهاء الحكم الدكتاتوري الجائر في بلادنا. كما اناشد قوات الدفاع الارترية وبعد إعادة كل الأراضي الارترية وتأكيد السيادة الوطنية الى إعادة الانتشار داخل الاراضي الارترية والتمركز على الخط الحدودي بين ارتريا واثيوبيا للحيلولة دون المزيد من الانغماس في النزاع الداخلي الاثيوبي، ومن ثم البقاء كحصن منيع للدفاع عن الشعب والوطن ولعب الدور المناط بها في عملية الانتقال نحو إقامة نظام دستوري بعد اقتلاع هذا النظام الحاسد الذي أصبح يشكل خطرا على وجود ارتريا شعبا ووطناً.  

 عطفا على ذلك وفي سبيل إرساء السلام الدائم وحسن الجوار والتعاون المشترك ادعو الى احترام السيادة الوطنية الارترية من خلال التوقيع على اتفاقية ثنائية بين الجانبين بشكل رسمي والتأكيد على عودة الأراضي الارترية التي أصبحت في يد أصحابها عمليا، عبر وضع العلامات الحدودية على الأرض وفق المعاهدات الاستعمارية في أقصر وقت ممكن. 

وبهذه المناسبة يسرني ان أرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي الذي تم التوصل اليه خلال الأيام الماضية وادعو المجتمع الدولي الى بذل ما يستطيع من جهد من اجل إيجاد حل لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني حتى يعم السلام الدائم المنطقة عموما. 

 وفي الختام، وبما ان وطننا ارتريا هو وطن جميع الارتريين لا بد من التأكيد بضرورة العمل بكل ما لدينا من طاقات من اجل تحقيق اهدافنا في جعله وطن الحرية لكل الارتريين، وطنا تتساوى فيه الحقوق والفرص، وطنا يُحكم بالشرعية الدستورية وليس بالأهواء والرغبات الشخصية، وطنا تسود فيه العدالة والطمأنينة والرفاه، وطنا تصان فيه كرامة الانسان ويعيش فيه المواطن بسعادة وفخر.  

وفي الوقت الذي نسمع فيه بين الحين والآخر تصريحات تمس السيادة الوطنية الارترية وتنم عن طموحات توسعية لمسؤولين وسياسيين اثيوبيين، اود تذكير كل الوطنيين الارتريين بان المسؤولية التاريخية تحتم عليهم تأجيل الخلافات البينية وتعزيز اللحمة الوطنية من اجل ضمان سيادة الوطن وتأكيد سيادة الشعب. وفي هذا الجانب يتحمل الشباب على وجه الخصوص العبء الأكبر كونهم اول ضحايا النظام الدكتاتوري المتسلط، وأقول لهم بهذه المناسبة ان الواجب التاريخي يحتم عليكم العمل دون كلل من اجل الهدف الوطني وإيجاد الحل الدائم من خلال ضمان السيادة الوطنية التي تحققت بفضل نضالات اباءكم واخوتكم وإعادة تأكيد سيادة الشعب. ان سجل تاريخ الشعوب في العالم يعلمنا بان الشباب دائما هم الذين يناضلون من اجل شعبهم ووطنهم، وليس من يصطفون الى جانب القوى الاجنبة التي تستهدف الهوية الوطنية او من تحاول الاستهانة بيوم الاستقلال الارتري طمعا في الموانئ الارترية.  عليكم بالعمل من اجل تبديد كافة الاحلام التوسعية وضمان ديمومة الاحتفال بيوم الاستقلال الى الأبد بفخر واعتزاز.

التهنئة مرة أخرى للشعب الارتري بعيد استقلاله!! 

عاشت ارتريا مستقلة ذات سيادة!!

المجد والخلود لشهدائنا الأبطال!!

وليبارك الرب ارتريا وشعبها   


www.eri-platform.org